إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) logo الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة
shape
محاضرة في جامع حطين
8777 مشاهدة print word pdf
line-top
أمثلة من دعوة الرسل

أولهم نوح بعثه اللَّه تعالى إلى قومه لما غلوا في الصالحين ، وكان عندهم أو من بينهم رجال صالحون منهم ود وسواع ويعوق ويغوث ونسر غلوا فيهم ودعوهم من دون اللَّه أو دعوهم مع اللَّه تعالى فجاءهم نوح -عليه السلام- وقال لهم قال اللَّه تعالى: لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ هكذا جاء في هذه الآية اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ يدل على أنهم قد اتخذوا آلهة كثيرة وأن لهم من جملتها هذه الأصنام الخمسة .
فلما أكد عليهم وكرر الدعوة تمسكوا بشركهم وتمسكوا بآلهتهم وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا أي لا تتركوا آلهتكم التي وجدتم عليها آباءكم ادعوهم ولا تقبلوا قول من ينهاكم عن عبادتهم ، فنوح -عليه السلام- أخذ ينهاهم ويحذرهم عن عبادة غير اللَّه ، بدأهم بأمرهم بالتوحيد اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ .
ثم بعث اللَّه بعده هودا إلى قومه فقال تعالى: وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا قَالَ يَا قَوْم اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ مثل مقالة نوح اعْبُدُوا اللَّهَ أي: تعبدوا له وتذللوا له مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ يدل على أنهم قد اتخذوا مع اللَّه آلهة أخرى ولذلك أنكروا دعوته وردوا عليه وقالوا له: سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَوَعَظْتَ أَمْ لَمْ تَكُنْ مِنَ الْوَاعِظِينَ إِنْ هَذَا إِلَّا خُلُقُ الْأَوَّلِينَ وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ فَكَذَّبُوهُ فَأَهْلَكْنَاهُمْ أكثر عليهم من التذكير ولكنهم أصروا واستكبروا فبدأ دعوتهم بتوحيد اللَّه تعالى .
كذلك أيضا من الرسل صالح -عليه السلام- قال تعالى: وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَا قَوْم اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فجعل اللَّه لهم هذه العلامة وهي هذه الناقة أمرهم بأن يعبدوا اللَّه بدأ دعوته بعبادة اللَّه اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ هذه دعوته .
كذلك أيضا بعث اللَّه أيضا شعيبا إلى قومه مدين فقال تعالى: وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَا قَوْم اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ فبدأ دعوته بالتوحيد ثم قال: وَلَا تَنْقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ دل على أنهم مع شركهم يبخسون الناس أشياءهم .
فهذه أمثلة من دعوة الرسل أن كل واحد منهم يقول اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ والإله عندهم هو الذي تألهه القلوب أي تعظمه وتجله وتقدسه وتخضع له ، وذلك لأن آلهتهم التي يألهونها كانوا يخضعون لها ويخشعون ويتواضعون عندها ويدعونها ويجلسون عندها ويقيمون طويلا ويعكفون يعتكفون عندها اعتكافا طويلا فيكون ذلك من عبادتهم اعْبُدُوا اللَّهَ يعني اتركوا عبادة آلهتكم هذه .
والعبادة مشتقة من التعبد الذي هو التذلل وذلك لأنهم يتذللون عندها ويخضعون عندها ، فأمروا بأن يكون تعبدهم وتذللهم وخضوعهم وخشوعهم لِلَّه تعالى حيث إن ذلك أدعى إلى أن يستكينوا لِلَّه وأن يخشعوا بين يديه، وأن يعترفوا بأنه ربهم ومالكهم، وأنه الذي بيده أزمة الأمور، وأنه الذي ينفع ويضر، وأن ما سواه من تلك الآلهة لا تنفعهم ولا تضرهم .

line-bottom